أخبار المركز
  • د. أيمن سمير يكتب: (خمسة سيناريوهات للتصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران)
  • مهاب عادل يكتب: (رسائل الإصلاح: كيف انعكست أزمات الشرق الأوسط في الدورة الـ79 للأمم المتحدة؟)
  • د. هايدي عصمت كارس تكتب: (بين العزلة والانقسام: دوافع تفضيل أوروبا هاريس على العودة المحتملة لترامب)
  • مركز "المستقبل" يُشارك في معرض الرياض الدولي للكتاب 2024
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (قوة صاعدة: فرص الإمارات في سباق الذكاء الاصطناعي)

فجوة التوقعات!

انعكاسات نتائج انتخابات "لوك سابها 18" على الداخل الهندي

12 يونيو، 2024


لم تأتِ نتائج انتخابات مجلس النواب الهندي "لوك سابها" مُخالِفَة فقط لكافة التوقعات واستطلاعات الرأي التي رجَّحت فوز حزب بهاراتيا جاناتا بالعدد الأكبر من المقاعد، بل ربما جاءت كذلك لتصيب الحزب ورئيس الوزراء، ناريندرا مودي، بما يشبه الصدمة، في ضوء الثقة المفرطة والتوقعات المتزايدة في اكتساح الحزب منافسيه؛ إذ لم تأتِ الرياح هذه المرة بما تشتهي السفن بَعْد عدم تمكُن الحزب من الحصول على الأغلبية المطلقة مثلما حدث في انتخاباتي 2014 و2019 حينما كان بإمكانه تشكيل الحكومة منفرداً.

ونظراً لأن الحزب سيُشكل مع حلفائه حكومة ائتلافية، فإنه لا يمكن المبالغة في ذاك الافتراض القائل إن نتائج الانتخابات سوف تعيد تشكيل المشهد السياسي الهندي خلال السنوات الخمس المقبلة، لكنها، ولا شك، تبدو مقدمة لمرحلة من التغيرات الجديدة التي قد تظهر في الانتخابات التالية في عام 2029.

ويعزى ذلك إلى أن تراجُع أداء بهاراتيا جاناتا لا يمنع من أن مودي تمكَّن من أن يصبح ثاني رئيس وزراء في تاريخ الهند يحصل على 3 ولايات متتالية، وأصبح من بين رؤساء الوزراء القلائل الذين استمروا في الحكم لأكثر من 10 سنوات، ففي نهاية ولايته الثالثة سيكون ثاني أكثر رؤساء الوزراء بقاءً في هذا المنصب بعد مؤسس الهند جواهر لال نهرو، الذي استمر 16 عاماً، ومتساوياً مع إنديرا غاندي، التي استمرت في المنصب 15 عاماً.

تحولات سياسية غير متوقعة:

تبلورت مجموعة من التحولات السياسية فور إعلان النتائج، وهي تحولات ستكون لها انعكاسات على التفاعلات الداخلية في مجملها في السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يمكن إيجازه في الآتي:

1 – إنهاء سيطرة الحزب الواحد: أول ما يلفت النظر هو تغيُر المعادلة السياسية التي أفضت إلى سيطرة بهاراتيا جاناتا في السنوات العشر الماضية على الحياة السياسية بعد تحقيقه الأغلبية المطلقة بمفرده في انتخاباتي 2014 و2019، بواقع 282 و303 مقاعد على التوالي؛ وهو ما تغيَّر في انتخابات 2024 بحصوله على أكثرية المقاعد فقط دون هذه الأغلبية المطلقة، بفوزه بـ 240 مقعداً فقط؛ أي أنه لم يستطع تجاوُز المقاعد اللازمة للفوز بالأغلبية المطلقة، وهي 272 مقعداً.

والأهم أن الحزب الحاكم فَقَدَ 63 مقعداً مرة واحدة؛ وهو ما انعكس أيضاً في تراجُع عدد مقاعد التحالف الوطني الديمقراطي الحاكم بقيادة الحزب؛ إذ حصل على 293 مقعداً، بخسارة 60 مقعداً مقارنة بانتخابات 2019، التي حصد فيها 353 مقعداً.


2- تضييق الفجوة بين التحالف الحاكم والمعارضة: هذه الخسارة السابقة تحولت بالطبع لمكسب عدد إضافي من المقاعد لصالح حزب المؤتمر وشركائه في تحالف "الهند" المعارض؛ فقد حصلت أحزاب التحالف على 234 مقعداً، بزيادة بلغت 143 مقعداً عن انتخابات 2019، التي حصل فيها تحالف المعارضة على 91 مقعداً فقط. كما أن حزب المؤتمر حصل منفرداً على 99 مقعداً، بزيادة وصلت إلى 47 مقعداً مقارنة بانتخابات 2019، التي لم يفز فيها إلا بـ 52 مقعداً فقط.

ولا شك في أن المعارضة حققت نتائج أفضل كثيراً مما كان متوقعاً؛ وهو ما يعود إلى تماسُك الجبهة الداخلية وتجاوز الخلافات حول توزيع المقاعد على المرشحين كما حدث في الانتخابات السابقة، فقد أفسح حزب المؤتمر المجال أمام شركائه في تقاسم المقاعد في بعض الولايات المهمة للفوز بأكبر عددٍ من المقاعد دون التصادم مع بعضهم بعضاً.