أخبار المركز
  • د. إبراهيم غالي يكتب: (الكابوس النووي القادم في آسيا والعالم)
  • د. محمود سلامة يكتب: (استجابة ثلاثية: بدائل تقليل الخسائر التعليمية في صراعات الشرق الأوسط)
  • مصطفى ربيع يكتب: (إخفاقات متكررة: هل تنجح استطلاعات الرأي في التنبؤ بالفائز بالرئاسة الأمريكية 2024؟)
  • د. رامز إبراهيم يكتب: (الحل الثالث: إشكاليات إعادة توطين اللاجئين بين التسييس وإزاحة الأعباء)
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (التكنولوجيا العمياء: كيف وظفت إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حرب غزة ولبنان؟)

ما بعد الجائحة:

مستقبل القوة والصراع والتنافس في العالم

08 مايو، 2022

image

مثلما أدى وباء الطاعون إلى إنهاء العبودية في أوروبا في القرن الرابع عشر، والإنفلونزا الاسبانية إلى تعزيز دور الدولة القومية في العالم بعد الحرب العالمية الأولى، فإن انتشار جائحة كورونا طرح تغييرات عميقة في عالمنا المعاصر في العديد من المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية؛ بسبب تباين استجابات الدول والمجتمعات للأزمة وتداعياتها.

فمن جهة، أظهرت الجائحة أن المجتمع الدولي لم يكن قادراً على التعاون بغية الحد من آثارها، بفعل غلبة البرجماتية على الاعتبارات الإنسانية، إذ سعت كل دولة لتحقيق مصلحتها على حساب الآخرين. ولم تكتف القوى العظمي، خاصة الولايات المتحدة والصين، بعدم الاستجابة المشتركة لمواجهة الوباء، بل تنافست على توظيف هذه الأزمة لحصد المزيد من القوة الجيوسياسية والجيواقتصادية في العالم. 

وأخذ هذا التنافس طابعاً حاداً إبان إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي اتهم الصين بالتسبب في جائحة كورونا بسبب انعدام الشفافية، بل أنه أوقف تمويل منظمة الصحة العالمية. كما استمر التنافس مع مجيء إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، وإن تغيرت لهجته وأدواته، عبر الضغط الأمريكي على الصين، تارة، عبر حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط وأفريقيا، وتارة أخرى عبر بناء تحالفات دولية مضادة مثل "إيكوس"، وتارة ثالثة عبر استعادة الولايات المتحدة القيادة العالمية من خلال إصلاح العلاقات مع حلف "الناتو" والمشاركة في مبادرات مكافحة تغير المناخ.

وفي المقابل، وما إن استطاعت بكين تجاوز أزمة كورونا نسبياً، حتى وظفت "دبلوماسية اللقاحات" لدعم مصالحها، خاصة في دول أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، بل إنها عززت العلاقات الجيوسياسية مع روسيا الصاعدة، واخترقت الفضاء الأوروبي لموازنة الضغوط الأمريكية. وبالرغم من أن التنافس الأمريكي – الصيني كان قائماً قبل الجائحة، فإن الأخيرة منحته زخماً كبيراً سيؤثر، على الأغلب، في مسارات النظام العالمي، في ظل المقارنة بين النظم الديمقراطية والسلطوية في التعامل مع آثار الجائحة.

من جهة ثانية، كان البعض يتوقع أن تقلص أزمة كورونا التهديدات الأمنية في العالم، بحكم تركيز الدول كل مواردها للتعامل مع الآثار الصحية لكورونا؛ لكن الواقع كان معاكساً لذلك، إذ عرف العالم تصاعداً في حدة الصراعات المسلحة، كما جرى في إثيوبيا وسوريا، فضلاً عن الحرب الروسية – الأوكرانية الحالية، بل إن الجماعات الإرهابية وجدت في الجائحة فرصاً لزيادة تهديداتها الأمنية للحكومات، كما في منطقة الساحل الأفريقي التي شهدت اتساعاً في الهجمات الإرهابية بغرض اختراق منطقة خليج غينيا.

وبينما كانت الأمم المتحدة تطلق الدعوات لوقف إطلاق النار في مناطق الصراعات كي يتم مواجهة آثار الجائحة، لكن ذلك لم يلق أذاناً صاغية بفعل تضارب المصالح بين القوى الدولية والإقليمية، بل إن الهدوء الذي حل ببعض الصراعات مثل ليبيا كان وراءه بالأساس عدم قدرة الفرقاء العسكريين على الحسم الميداني، وليس انتشار الوباء في هذا البلد.

من جهة ثالثة، أحدثت جائحة كورونا آثاراً غير مسبوقة في الاقتصاد العالمي، حيث تزايد الركود بفعل تراجع الطلب العالمي، وتفاقمت معدلات التضخم، وتباطأت التجارة العالمية بفعل أزمات سلاسل الإمداد والشحن، ما فرض ضغوطاً كبيرة على اقتصادات الدول سواء أكانت متقدمة أم نامية. وبينما كان من المفترض أن يدفع التأزم الاقتصادي إلى استجابات عالمية مشتركة، إلا أن كل دولة انتهجت أسلوباً مختلفاً لتقليل آثار كورونا على اقتصادها، كما برز في أوروبا التي أضافت تداعيات الجائحة مأزقاً جديداً للتكامل في الاتحاد الأوروبي بعد أزمة البريكست. وقد جاءت الحرب الروسية – الأوكرانية لتضيف أعباءً جديدة على الاقتصاد العالمي الذي لم يتعاف بعد من كورونا.

وعلى الرغم من أن انتشار اللقاحات أسهم في تقليص آثار الجائحة على الصعيد الاقتصادي في الدول المتقدمة، مع ذلك ظلت هناك مناطق أخرى تعاني نقصاً وعدم عدالة في توزيع اللقاحات، على غرار أفريقيا؛ التي تزايدت أزماتها الاقتصادية، إذ ارتفعت معدلات الديون خلال الجائحة لتعويض تراجع الناتج المحلي الإجمالي بفعل الإغلاقات. ومن ثم، بدت دول القارة السمراء أكثر تعرضاً لتزايد عدم الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي. 

من جهة رابعة، منحت الجائحة العالم فرصاً جديدة قد تؤثر في مستقبله، مع الاستخدام الكثيف لأدوات التكنولوجيا لتقليص أثار الإغلاقات على أسواق العمل والتجارة والتعليم وغيرها، وهو أمر وإن بدا نوعاً من التكيف مع الجائحة، إلا أنه سيترك آثاره في هذه المجالات. فالتعليم عن بُعد قد يستمر حتى بعد انتهاء الجائحة، لكونه يسهم في تقليص الميزانيات العامة. كذلك فإن أنماط "العمل الهجين" الذي يجمع بين المنزل والمكتب بات مرجحاً استمراره بما يقلص تكاليف الشركات. بيد أن تلك الفرص واجهت مخاطر تتعلق بالتهديدات السيبرانية مع انتشار قراصنة المعلومات والهجمات الإلكترونية.

وفي هذا السياق، يطرح مركز "المستقبل للأبحاث الدراسات المتقدمة" ملفاً تجميعياً حول التغييرات التي أحدثتها جائحة كورونا في العالم، من خلال عدد من التحليلات والتقديرات والعروض التي نُشرت على الموقع الإلكتروني أو دورية "اتجاهات الأحداث" الصادرة عن المركز. إذ يسلط الملف الضوء على العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تأثرت بانتشار الجائحة مثل، التنافس الجيوسياسي في العالم، ودبلوماسية اللقاحات، والتهديدات الأمنية، واقتصادات الجائحة.

ويطرح الملف أيضاً تجارب التعافي عالمياً وإقليمياً، حيث يتناول تجربة الإمارات في التعامل مع أزمة كورونا، وفرص استخدام الدول لـ "الدرونز" والاعتماد على الجيوش في تقليص آثار الجائحة، إضافة إلى تقييم وسائل التواصل الاجتماعي إبان الجائحة. ويختتم الملف بطرح تساؤل حول متى تنتهي الجائحة في ظل التوقعات العالمية بتحول فيروس كورونا إلى مرض متوطن مع نهاية العام الجاري.


لقراءة الملف كاملاً بصيغة PDF.. رجاءً الضغط على هذا الرابط