مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقرر لها في ١٨ يونيو الجاري تصاعدت حدة الخلافات الداخلية الإيرانية، حيث تأتي في وقت تواجه فيه طهران جملة من التحديدات على الصعيدين الداخلي والخارجي. فتعقد في وقت تتعثر فيه المفاوضات مع واشنطن ما يعني إضعاف موقف الحكومة ودخولها في مرحلة من الضعف لن تستطيع فيها اتخاذ خطوات بارزة على الأصعدة كافة، بما يجعلها أشبه بـ"البطة العرجاء"، وهو المصطلح الذي بات تروج له اتجاهات عديدة في طهران، تشبيهاً بما يجري داخل الولايات المتحدة الأمريكية، للإشارة إلى ضعف موقف الحكومة قبل الانتخابات الرئاسية.
وقد حرصت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على توجيه رسائل عديدة مفادها أنها لا تبدي اهتماماً كبيراً بنتائج الانتخابات الرئاسية، بما يعني أنها ترى أن هوية الرئيس المقبل لإيران لن تغير من اتجاهات صنع القرار في طهران ولا في المسارات المحتملة التي يمكن أن تتجه إليها العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية خلال المرحلة القادمة، حيث ترى واشنطن أن تغيير الرئيس لا يغير من الوضع في شيء طالما أن الكلمة الأخيرة في تحديد اتجاهات السياسات الداخلية والخارجية في يد شخص آخر هو المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي. بل إن بعض الاتجاهات تشير إلى أن الحرس الثوري ربما يكون له دور أقوى وأكثر تأثيراً من دور الرئيس في وضع تلك السياسات.
ومع قرب موعد الانتخابات واحتدام الصراع السياسي الداخلي سعت حكومة حسن روحاني إلى اتخاذ عديد من السياسات الداخلية والخارجية التي تعزز نفوذها الداخلي والخارجي، فعلي الصعيد الخارجي تواصل إيران تحركاتها المكثفة في الإقليم لتعزيز دورها كطرف أساسي في عملية إعادة صياغة الترتيبات السياسية والأمنية في العديد من الأزمة بالمنطقة، خاصةً سوريا التي تعد أهم الأوراق الاستراتيجية للسياسة الإيرانية في المنطقة، وقد بدا ذلك جلياً في اتجاهها إلى توسيع نطاق حضورها العسكري في شمال شرق سوريا، واليمن.
وعليه يناقش هذا الملف الذي يضمّ تقديرات نُشرت على الموقع الإلكتروني لمركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، السياق الداخلي الذي تجري فيه الانتخابات، والصراع بين التيارات السياسية المختلفة حول توجهات حكومة روحاني، وعودة المرشد خامنئي إلى التدخل في ملف الانتخابات، وتأثيرات تغير القيادة في إيران في أعقاب الانتخابات على مفاوضات عودة إيران إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة دونالد ترامب في مايو ٢٠١٨، كيف أثر تعثر المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران على الانتخابات الرئاسية، وصعود فرص تيار على حساب أخر، ويتناول السياق الخارجي الذي تجري فيه تلك الانتخابات والمساعي الإيرانية لتعزيز نفوذها بما يسمح لها بمزيد من التأثير على الأوضاع في المنطقة بما يحقق مصالحها.